top of page

جعفرُ المتوكلُ على الله

نسبه 
أبـو الفـضل جعـفر المتـوكـل علـى الله بـن المعـتـصم بـن الرشيـد بن المـهـدي 205هـ - 247هـ، أمـه أم ولـد تـركـيـة اسمـها شجـاع، يُعَدُّ عهـد الخليـفة المتـوكـل هـو بدايـة عصـر ضـعف الـدولة العبـاسـية وانحـلالـها، والـذي انـتهى بسـقوطها على أيدي التتار سنة 656هـ - 1258م.

صفاته
كـان المتـوكل مـربـوعاً أسمراً  خفـيف شعـر العارضـين، كـان متـمذهـباً بـمـذهـب الشـافـعي، وهو أول مـن تمـذهـب لـه مـن الخـلـفاء، وكـان منهـمـكاً فـي الفقـهه والسنـة والعـلم، وهـو الـذي أخـرج أحـمـد بـن حـنبل مـن محنـته.

بُويع له بعد الواثق، وبدأ عهده بداية موفقة، فقد أمر بإظهار السُّنة، والقضاء على مظاهر الفتنة التي نشأت عن القول بخلق القرآن، وكتب إلى كل أقاليم الدولة بهذا المعنى، ولم يكتف بهذا، بل استقدم المحدِّثين والعلماء إلى مدينة (سامرَّا) ، وطلب منهم أن يُحدثوا بحديث أهل السنة، لِمحوِ كل أثر للقول بخَلْق القرآن، وراح العلماء يتصدون لإحقاق الحق، وإبطال الباطل، وأظهر المتوكل إكرام الإمام أحمد بن حنبل الذي قاوم البدع، وتمسَّك بالسنن، وضُرِب وأوذي وسُجِن.

استدعاه المتوكل إليه من (بغداد) إلى (سامرا) وأمر له بجائزة سُنية، لكنه اعتذر عن عدم قبولها، فخلع عليه خِلْعَةً عظيمة من ملابسه، فاستحيا منه الإمام أحمد كثيرًا فلبسها إرضاء له، ثم نزعها بعد ذلك. ويذكر للمتوكل تعيينه ليحيى بن أكثم لمنصب قاضى القضاة، وكان يحيى بن أكثم من كبار العلماء، وأئمة السنة، ومن المعظمين للفقه والحديث. هذا ولم يَخْلُ عهده من فتن وثورات قضى عليها وأعاد الأمن والطمأنينة للبلاد.

خلافته
هـو الخلـيفة العبـاسي العـاشـر، بنـى مديـنة المتـوكلـية، وبـنى وطـور مديـنة الـدور، وشـيَّد المسـجد الجـامـع ومئـذنـته الشهيـرة الملـوية فـي سامـراء التـي هـي أحـد معـالم المدينـة، وجـدد مقيـاس النـيل، بُويـع لـه لسـت بقـين مـن ذي الحجـة سنـة 232 هـ، وازداد نفـوذ الأتـراك فـي حكـمه، وأظهـر الميـل إلى السـنة ونصـر أهلـها، وأخـرج أحمـد بـن حنـبل مـن الحـبس وخـلع علـيه، واستقدم المحدثين إلى سامراء وأجـزل عـطـايـاهـم وأكـرمـهم وكـان كـريما ومحبا للسنة.

إصلاح الداخل
حـاول المـتوكل إصـلاح ما فـسد، فـراح يـعـزل الكثـير مـن عُمَّـال الولايـات، ويصـادر أمـلاكهـم بـعد أن عَمَّـت الشكـوى، وتـفـشّى الفـسـاد، مثلـما عـزل يـحـيى بـن أكـثم عـن الـقـضاء، وولَّـى جـعـفر بـن عبـد الـواحـد مـكانـه، وكـذلك عـزل عـاملـه عـلـى المـعـونة أبـا المـغيـث الـرافعى وعيـن مكـانه محمد بن عبدويه. 

مواجهته مع الروم
فـي سنـة 238 هـ، قـام الـروم بغـزو بحـري مفـاجئ مـن جهـة دميـاط، وهـم الذيـن أدبـّهـم المعـتصـم في واقـعة عمـوريـة، لكنـهم بعـثوا بثـلاثمـائة مركـب وخـمـسة آلاف جـنـدي إلـى دميـاط، وقتـلوا من أهلـها خلـقًا كثـيرًا، وحـرقـوا المسجد الجـامع والمنـبر، وأسـروا نحـو ستمـائة امرأة مسلـمة، وأخـذوا كثـيرًا من المال والسلاح والعتاد، وفرّ الناس أمامهم، وتمكن الجنود الرومان من العودة إلى بلادهم منتصرين، ولم تمض ثلاث سنوات على هذا الغزو حتى عاود الروم عدوانهم على البلاد؛ فأغاروا على ثغر من الثغور يسمى عين زربة (بلد بالثغور قرب المصيصة بتركيا حصَّنها الرشيد)، وأسروا بعض النساء والأطفال، واستولوا على بعض المتاع، استمرت المناوشات ومعارك الحدود بين الروم والمسلمين، منذ سنة 238هـ -853م وحتى سنة 246هـ-860م بقيادة على بن يحيى الأرمنى.

وكـان الـروم قـد أجهـزوا عـلى كثيـر مـن أسـرى المسلـمين الـذيـن رفضوا التـحول إلـى النصـرانـية؛ لأن أم ملـك الـروم كانـت تعـرض النصـرانية عـلى الأسـارى؛ فـإن رفـضـوا تقـتـلهم، وتم تبـادل الأسـرى بمـن بقـى حـيّا مـن المسلمـين فـي السنـتيـن الأخيـرتـين، غـارات الأحبـاش: وعـلى حـدود مـصر وبـالقـرب مـن بـلاد النـوبـة، كـان المصـريـون يعكـفون علـى اسـتـخراج الـذهـب والجـواهـر الكـريمـة، وإذا بـطـائفة من الأحبـاش على مَقـربة مـن (عيـذاب) عـلى البحـر الأحـمر يعـرفـون بـاسـم (البـجة) يهـجمـون علـى تلـك المـناجم، ويقـتلون عددًا كبـيرًا من عـمالها المسلمـين، ويـأسرون بعـض نـسـائهم وأطفـالهم ممـا جـعل العـمل فـي هـذه المنـاجـم يـتوقـف أمـام هـذه الهـجـمات.

وأُحيط المتـوكـل عـلمًـا بمـا حـدث، واستشار معـاونيـه، ولـكـن معـاونـيه أخبـروه بمـا يعتـرض إرسـال الجيـش مـن عقـبات تتمـثل فـي أن أهـل (البـجـة) يسـكنون الصـحارى، ومـن الصعـب وصول جـيـش المـتوكـل إليـهـم، فلـم يـرسـل إليـهـم فـي بـادئ الأمـر، وتمادى البـجـة فـي عـدوانـهـم وتجـرءوا، فـأخـذوا يُغـيـرون عـلى أطراف الصعـيد، حتـى خـاف أهـله عـلى أنفـسهم وذريـاتـهم، واستغـاث أهل الصعـيـد بالمـتـوكل، فجـهز جـيـشًا بقـيادة محـمـد بـن عـبد الله الـقـمى مـن عشـرين ألـف رجـل، عـلـى أن يُعـينـه الـقائـمون بـالأمـر فـي مصـر بمـا يحـتاج إليـه الجيـش مـن طـعام وشـراب ومـؤن.

التقى الجيش مع هؤلاء المتمردين المعتدين، حتى فرقهم وقضى على جموعهم سنة 241هـ - 856م. 

وفاته
توفي سنة 861م.

bottom of page