top of page

أولغ بك

تعريف به

محمد طور غاي بن شاه رخ تيمور كوركان السمرقندي، الملقب بـ (أولغ بيك)، كان أميراً وملكاً وعالماً موسوعياً في علوم الفلك والرياضيات والهندسة الفضائية.

حياته
وُلِد أولغ بيـك في مدينـة السلطـانية ببـلاد ما وراء النـهر عام 796 هـ - 1394 م، وهـو الابـن الأكـبر للملك معين الدين شاه رخ التيموري، وحفيد الملك تيمورلينك مؤسس الدولة التيمورية، وقد تُوِّج أبوه ملكاً عام 1409م، وجعل من مدينة هرات بأفغانستان الآن عاصمة له.

عـاش أولـغ بيك في قصر الحكم في عز ودلال، وبدأت علامات الذكاء والنبوغ والحكمة واضحة عليه في سن مبكرة، وعيّنه أبوه والياً على سمرقند وهو ابن ست عشرة سنة، ولم يكن مهتماً بالسياسة، ولكن اهتم بالعلم اهتماماً بالغاً. 

وخلال ولايته على سمرقند تحولّت المدينة إلى عاصمة للعلم والثقافة، وبنى فيها مدرسة عالمية، وجمع فيها جهابذةَ الحضارة العربية والإسلامية في العلوم الشرعية واللغوية والتجريبية، وأسند إدارة المدرسة إلى أستاذه النابغة قاضي زادة.

أسس أولغ بيك بمساعدة عمالقة العلوم التجريبية في العالم الإسلامي مرصدًا زوَّده بالأدوات الكثيرة والآلات الدقيقة للرصد، فصار العلماء يأتون من جميع بقاع العالم لتلقِّي تدريبهم فيه، كما قام مشاهير علم الفلك بإجراء أرصاد كثيرة لتصحيح بعض الأخطاء التي وقع فيها العلماء الأوائل.

وتفنّن أولغ بيك في الرصد الفلكي، فصارت أعماله من أهم المصادر التي يَستند إليها الباحث في ميدان علم الفلك، كما أدخل بعض التحسينات على جداول الجيب والظل.

وأخرج أولغ بيك من مرصد سمرقند كتاب الجداول السلطانية التي تسمى بالفارسية (الزيج)، وقد حمل عنوان (زيج كور كاني) أو (الزيج الجديد السلطاني) الذي ظل معمولاً به في الشرق والغرب قروناً عديدة. ويضم كتاب (الزيج الجديد السلطاني) أربع مقالات، الأولى في معرفة التواريخ، وهي مقدمة وخمسة أبواب، الثانية في معرفة الأوقات، والطالع في كل وقت، وهي اثنان وعشرون باباً، الثالثة في معرفة سير الكواكب ومواضعها، وهي ثلاثة عشر باباً، والرابعة في موقع الأعمال النجومية، وهي تقع في بابين، ونال (الزيج الجديد السلطاني)، شُهرة عظيمة في بلاد الغرب، فترجم إلى اللغة اللاتينية سنة 1076 هـ في بريطانيا، كما ترجم المقدمة المستشرق سيديو في مجلدين ونشرها بباريس سنة 1269 هـ، وقد أشاد علماء الغرب، بجهود أولغ بيك، فقال عنه المستشرق سيديو: إن أعمال أولغ بيك الفلكية كانت تتمة ضرورية للأعمال الفلكية المأثورة عن العرب والمسلمين.

تمـكن أولغ بيك برفقة عدد من العـلماء من تصحـيح وتدقيـق مواقـع 992 نجـماً، وأضـافوا إلـيها 27 نجماً زيادة عـلى ما ذكره عـبدالرحمن الصـوفي في كـتابه (النجـوم الثابتة)، وفـي عـام 1437 م، تمـكن ألـوك بيـك مـن رصد طـول المدة التـي تلـزم الشمس للرجـوع إلى موقـعها سـنوياً، أي مدة الحركة الظاهرية للشمس.

وتقديراً لإسهاماته العظيمة في علم الفلك والهندسة الفضائية، وسمى العالم الألماني يوهان هينريك فون مادلر فوهة صدمية على سطح القمر باسم أولغ بيك. 
وفي مجال الرياضيات، وضع أولغ بيك جداول دقيقة لحساب المثلثات والتوابع المثلثية، وفي العمارة شيّد (الخانقاه)، وهي بيت ينزل فيه المتصوفة، وقد تميزت بأعلى قبة في العالم آنذاك، كما بنى في مدينة (شهرسبز) مسجد أولغ بيك المسمى بالمسجد (المقطع)، وسمي بذلك؛ لأنه مزخرف من الداخل بالخشب المقطع اللون على النمط الصيني، كما شَيّد مسجد (شاه زنده)، والقصر ذا الأربعين عمودا المعقودة بأبراج أربعة شاهقة، والمزين بصف من عمد المرمر.

كما كان أولغ بيك أديباً بارعاً، وله مشاركات جيدة، وكان فقيهًا، ويحفظ القرآن الكريم، واهتم بعلم التاريخ، وألَّف فيه كتابًا عن أبناء جنكيز خان.

وفاته
توفي أولغ بيك في هراة سنة 853 هـ - 1449م.

bottom of page